دراسة آراء الفقه الشيعي حول موضوع إنتاج و خزن و استخدام أسلحة الدمار الشامل الموضوعات المستحدثة و الجديدة لا يوجد نصّ خاص بشأنها للتعاطي معها من زاوية فقهية، بمعني نصّ يتناول ذلك الموضوع المستحدث بشكل محدّد و بدقة. بالنسبة لهذه الموضوعات بإمكاننا أن نلج إليها من إحدي الطرق التالية و بالتالي استنباط حكم الموضوع المستحدث من زاوية الفقه.
1) المناطات:
المناطات موجودة وراء النصوص، و الأحكام الصادرة بشأن الموضوعات القديمة تستتر وراء أحكام هذه المناطات، فبالإمكان تشخيصها، بحيث أنّ المناط الموجود في الموضوع الجديد و المستحدث، يتمّ عرض حكم ذلك المناط إزاء ذلك الموضوع المستحدث، في الحقيقة هذا بحث منهجي.

2 الرجوع إلي القواعد الفقهية:
بما أنّ موضوعات القواعد الفقهية تنطوي علي شمولية و عمومية، فهي أحيانا تكون مظلة تشمل بظلها الموضوعات المستحدثة، طبعاً يجب أن تكون مصداقية الموضوع المستحدث لموضوع القاعدة محرزة، لذا يمكن من هذا الطريق أيضاً أن نستنبط حكم ذلك الموضوع المستحدث.

3 الرجوع إلي النظريات الفقهية:
الطريق الثالث الذي أمامنا لاستنباط المسائل المستحدثة و الذي ينبغي طبعاً أن يطرح للمناقشة و البحث للكشف عن صحّته من سقمه و ذلك ضمن دراسة دقيقة علمية و حوزوية و أصولية مقبولة، هو الرجوع إلي النظريات الفقهية.
إنّ موضوع النظريات الفقهية هو موضوع جديد للغاية و ليس له تاريخ طويل، و أحد استخدامات النظريات الفقهية هو أنّه في الحالات التي لا يوجد فيها نصّ فقهي، يتمّ الرجوع إلي النظرية الفقهية لاستنباط حكم المسألة المستحدثة و الجديدة. بطبيعة الحال، إنّ هذا البحث هو بحث علمي و متخصّص و ربما أمامه طريق طويل ليتمّ تهذيبه و تنقيحه ليتمّ توظيفه في عملية الاستنباط بشكل واسع.
من هنا فإنّه في مقام تقديم و عرض سبيل محدّد للاستنباط فإنّه لا مناص من الرجوع إلي النظرية الفقهية، طبعاً أحياناً نقوم باستنباط نظرية فقهية، و في الحالات التي يوجد فيها نصّ يمكن بواسطة تلك النظرية الفقهية تحليل النصّ، و سبره و التعرّف علي جوانبه و أبعاده المكنونة و استنطاقه بشكل أفضل و بالتالي اكتشاف كنهه الحقيقي. علي هذا الأساس، ليس هناك نصّ، و من خلال الرجوع إلي النظرية الفقهية يمكن استنباط الحكم، إذا سلّمنا بوجود هذا الطريق، و ذلك لأنّه غير مطروح، ربّما يوجد هناك استقراء، إلاّ أنّ ذلك مطروح باعتباره حلّ جدّي متاح.
إذا كان ثمّة نصّ فإنّ تلك النظرية ستخلق فينا الرأي و الوعي و معرفة المواجهة الصحيحة مع النصّ، إذ سنسبر أعماق النصّ لنفهمه بشكل جيّد و لن نقوم بتحليله بأسلوب أعمي. إنّ بحث المواجهة مع النصّ هو موضوع مهمّ في الفقه المعاصر، و لقد تحدّثت شخصيات مشهورة للغاية في هذا الخصوص بدءاً بالشهيد الشيخ مرتضي مطهري حتي المرحوم الشهيد الصدر و كذلك المرحوم وحيد بهبهاني طرح آراء مهمّة و مفيدة مفادها أنّ علي الفقيه أن يجعل فضاءاته الذهنية و المعرفية منقحة و جاهزة و مهيّأة لمواجهة النصّ.
إنّ التعاطي مع النصّ بذهنية مغلقة و فارغة من أيّ معلومات يؤدّي إلي أضرار كبيرة بنفس المقدار إذا ما تمّ وضع النص جانباً، لذلك فإنّه ينبغي التعاطي مع النصّ بصورة واعية، حيث أنّ هذا الوعي يستلهم في جزء منه من الروايات، فقد اكتسبت في السابق القدرة علي فهم الروايات و دراية الحديث باعتبارهما مقدمة للاجتهاد، لذلك، عندما تواجه رواية معينة تستطيع أن تستوعب أسلوب الرواية و لحنها، و ذلك لأنّك خبير بالروايات.
مع الأسف، تعاني الحوزات العلمية من ضعف شديد في الوعي و المعرفة بالروايات أو قراءة الروايات و الحديث و أسلوب و لهجة الحديث.
أحياناً نقرأ الرواية لأول مرة، أو نبحث عن الرواية في مقام التعليم و التعلّم أو التدريس و الدراسة و ذلك بشكل مبتور و غير كامل، هذا لا يكفي يجب علينا أن نفتح باب معرفة أسلوب الرواية و درايتها و أن نجعل ذلك كمنهج و طريقة. أحياناً هذه الدراية بالرواية أثناء مواجهتك للنصّ توصلك بشكل دقيق إلي منبع الرواية، و ربّما كان ذلك المنبع أو الجوهر المكنون في الرواية عبارة عن معرفة كلامية، فالإنسان المتكلم الخبير بالكمال و البحّاث في القرآن بما أنّه يحيط بشكل كامل بالنظرية الكونية و التكوينية للإسلام، فعندما يري الرواية يقوم بشرحها بشكل دقيق و ذلك لأنّه استوعبها بشكل تامّ و ذلك بالقياس مع الذي لا يتوافر أبداً علي الدقة أو نظرية تتعلق بالكلام.
من الممكن أن تخلق النظريات الثقافية و الاجتماعية و الحكومية للإسلام أجواء ذهنية معينة، في حين أنّ هذه لا تعتبر قاعدة لكي تقوم بتوظيفها و تقول أنّه نصّ، اجتهاد في مقابل النصّ. لا ليس الأمر كذلك، إنّه لأمر مهم تهيئة و تجهيز الأجواء الذهنية من أجل الكشف بشكل جيد عن فرص الرواية و عدم تلبيس الرأي علي الرواية.
يقول البعض لو زدتم من معرفتكم و تعاطيتم مع النصّ فإنّكم ستقومون بفرض هذه المعرفة الشخصية علي النص، ليس الأمر كذلك، بل العكس هو الصحيح.
إذا تعاطيتم مع النصّ من منطلق عدم الوعي، فإنّكم ستفرضون أسوأ حالات الجمود و التحجّر الشخصي علي النصّ. لذلك فإنّ التعاطي مع النصّ يجب أن يكون بذهن منفتح و منقّح و كافٍ و كامل و صحيح.


تأسيساً علي ذلك، أمامنا ثلاثة طرق:
1ـ الرجوع إلي المناطات
2ـ الرجوع إلي القواعد الفقهية
3ـ الرجوع إلي النظرية
في هذه العجالة لا شكّ أنّ الفرصة ضيقة و الوقت لا يسمح ببحث موضوع المناطات، فإذا استمرّت هذه الندوات في أماكن أخري فسوف نتطرّق لهذه الموضوعات، و بإمكاننا تفعيل إمكانات و مديات المناطات في مجال الأسلحة الذرية.
خلال تناولي للقواعد الفقهية سأركّز بشكل أكبر علي الأسلحة الذرية، من قبيل ما هو حكم هذه الأسلحة إنتاجها و خزنها و استخدامها و استخراجها؟ هل حكمها هو الحرمة أو الحليّة بشروط؟ ليست بقليلة الأذهان الصاغية إلي هذا البحث.
بما أنّ هذا البحث يرتبط بنحو ما بموضوعات الساعة و هو بالتالي ينطوي علي حساسية شديدة، و لطالما سعي الفقه الشيعي إلي التعاطي مع أصعب القضايا المعاصرة التي تهمّ العالم، لذلك عليه أن يوظّف تلك الإمكانات العميقة و الدقيقة و يقوم بتفعيلها. يجب الحرص علي طرح آراء دقيقة للغاية، بطبيعة الحال، لا يزال البحث أولياً، و البحث الأولي يقوم بفتح الباب أمام النقاش ، لذلك فإنّ الموضوع يحظي بأهمية كبيرة (سواء كان له أو عليه) لجهة أنّه يمثل بداية لمشروع دراساتي و كذلك لجهة أنّ الإشكالات و الأضرار سوف تزال منذ البداية.
ٳنّني أعتقد بأنّ ٳنتاج الأسلحة الذرية و خزنها و استخدامها حرام من الناحية الفقهية، و ٳذا سألنا لما حرام و غير جائز فهو موضوع يحتاج ٳلى بحث٠ طبقاً للفقه الشيعي فٳنّ الاستخدام غير السلمي للتكنلوجيا النووية أمر غير مجاز، و هناك عدد من القواعد الفقهية التي أود أن أطرحها عليكم في هذا المجال٠ بعض هذه القواعد مهم جداً و بعضها ربما يحتاج ٳلى مناقشة و بحث٠


الف- قاعدة الروح :
ربما تكون هذه القاعدة غير معروفة، ٳلاّ أنّ الباب مفتوح دائماً لجريان اصطياد القواعد في فقه معيّن، فمصطلح حرمة الروح هو مصطلح مستخدم في الفقه الشيعي. مفاد هذه القاعدة هو أنّه يجب أن تحترم الروح و أن تكون لها حرمة، ٳنّ دائرة هذه القاعدة واسعة جداً في فقهنا لا سيما في الفقه الشيعي لدرجة أنّها تشمل حتى الحيوانات٠ لقد طرحت هذه القاعدة في كل مكان و زاوية من الفقه، و قد ذكر فقهاٶنا هذه المسألة و هي "ٳذا كان لدى الشخص حيوان و منع عنه الماء و العلف، و أبقى عليه جائعاً و عطشاناً أو عرّضه للتلف فٳنّه مذنب و سبب ذلك هو حرمة الروح"٠
في الظروف المعاصرة حيث نحاول أن نطرح بحوثاً بيئية، يجب علينا أن نبحث عن قاعدة و هذه القاعدة (قصدت قاعدة الروح) هي قاعدة مناسبة و ملائمة٠ تقول هذه القاعدة يجب صيانة حرمة الروح، و أن نتجنّب أيّ عمل قد يقضي على الروح، و يجب ألا تنفصل الروح عن البدن٠ بطبيعة الحال هناك استثناءات لهذه القاعدة أيضاً و هي تشمل الحرب و القصاص أو المحكوم بالٳعدام٠
ٳذا أردنا أن نوظّف هذه القاعدة في موضوع الأسلحة النووية فنحن نعلم بأنّ هذا النوع من الأسلحة يٶدّي ٳلى ٳبادة أو انتهاك حرمة الروح بما في ذلك روح الٳنسان و الحيوان معاً٠ هذه الأسلحة تصيب بضررها الٳنسان و الحيوان و النباتات و البيئة، و هناك سٶال مطروح و هو: هل أنّ أسلحة الحرب تقع ضمن التخصيص؟ ٳنّ الذي يقع ضمن التخصيص هو الحرب العادية التي تصيب فيها الطرف المقابل و تقتله و على الأكثر أن تصنع دروع بشرية٠
هل بالٳمكان القبول بأنّ السلاح الذي يستخدم و يصيب بضرره المئات بل الملايين من البشر و يبيدهم في الحال هل يكون ذلك السلاح ضمن الاستثناءات؟ أبداً لا يمكن أن يكون في عداد موضوع الأدلة المخصصة لهذه القاعدة بتاتاً٠


ب- قاعدة الوزر:
"لا تزر وازرة‌ وزر أخري"، ٳذا استخدمت سلاحاً نووياً كما استخدمته الولايات المتحدة بالفعل أو كما تهيّئ الدول الكبرى نفسها لاستخدامه و هي على مسافة خطوات قليلة لاستخدامه، هذا الاستخدام للسلاح النووي هو أقوى الشروط لنفي هذه القاعدة و تجنّب استخدامها و ٳلقاء الوزر على غير صاحب الوزر و تعريض الأبرياء لخطر الموت بسبب عدد من المذنبين الآخرين٠ لقد تمّ (ولا زال) تجاهل هذه القاعدة و سحقها تحت الأقدام مئات و آلاف المرات. لا يتمّ ٳبادة ملايين البشر فحسب بل ٳبادة جيل أو أجيال المستقبل البريئة٠ لذا فٳنّنا و طبقاَ لقاعدة الوزر غير مجازين باستخدام الأسلحة المبيدة للأجيال٠


ج- قاعدة السعي في الفساد:
طبعاَ سوف لن أذكر قاعدة الفساد ٳذ ربّما يقول قائل بأنّه ليس موضع ذكرها هاهنا، لهذا فٳنّنا نطرح هنا قاعدة السعي في الفساد " و اذا تولي سعي في الارض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النفس". قاعدة الفساد تعني بأن يفعل المرء أمراً أو يستخدم شيئاً بحيث ينطوي على فساد في الأرض، و بما أنّني أريد أن أحيط بجميع جوانب القضية فٳنّني أطرح قاعدة السعي في الفساد٠ و طبقاً لهذه القاعدة فٳنّ سعي المرء و الطريق الذي يشرعه و ينتهي ٳلى الفساد في الأرض، و أنّ الطريق الذي سلكته ٳسرائيل و كذلك القوى الكبرى بٳصرار و ما قاله أوباما رئيس الولايات المتحدة كل هذه مصاديق للسعي في الفساد٠
ٳنّ السعي في الفساد هو بداية الطريق الذي ينتهي ٳلى الفساد، و المثير أنّ القرآن الكريم يقول: "سعى في الأرض"
من المعلوم أنّ قرآننا الكريم له نظرة شمولية و أنّ البحوث القرآنية لا تخصّ حالة واحدة و هي أن يقتل رجل في مكان معيّن أو أن يجرف مزرعة بل أنّ هذا الكتاب السماوي ينظر نظرة مستقبلية، فالسلاح الذري يبيد الأجيال و يلوّث البيئة و يعرّض الأجيال القادمة لتحديات و مشاكل كثيرة، من هذا المنطلق فٳنّ ٳنتاج هذه الأسلحة و خزنها هو مصداق السعي في الفساد و ذلك لأنّ خزنها هو ليس للخزن فقط بل للاستخدام أيضاً٠
ٳنّ الأسلحة الذرية لها خصوصية بحيث أنّ استخدامها هو بصورة اتوماتيكية و تلقائية، و ٳذا تمّ استخدامها في مكان معيّن، فٳنّه سيتمّ استخدمها في أماكن أخرى أيضاً، ليس الأمر كما نتصوّر و هو ٳذا تمّ استخدام هذه الأسلحة في مكان معيّن و دمّر ذلك المكان فٳنّ المسألة ستنتهي عند هذا الحدّ، لا ليس الأمر كذلك، بل أنّ البقية سيلجأون أيضاً ٳلى استخدام هذه الأسلحة، فالعلاقة بينهم هي علاقة تلقائية و اتوماتيكية بحيث ٳذا قام أحدهم في مكان ما باستخدام هذه الأسلحة فسيلجأ الجميع ٳلى استخدامها٠
على سبيل المثال قامت الهند بتجربة أسلحتها النووية، فتبعتها الباكستان مباشرة بتجاربها النووية، الموضوع حسّاس للغاية بحيث أنّه حتى التجارب النووية تثير الحساسية أيضاً، لأنّه ٳذا لم تستخدم دولة ما هذا السلاح فسوف تظنّ أنّها تخلّفت عن السباق٠
هناك أطرح عليكم ملاحظة و هي: من الممكن أن يقال بأنّنا نحرّم استخدام هذه الأسلحة، و لكن ما الضير في ٳنتاجها؟ ففي ذلك حفظ للتوازن٠ و سوف أجيب عن هذا في مجال الأدلة التي بصالح ٳثبات الوجوب أو الٳباحة٠


د- قاعدة الٳثم أكبر من النفع:
و هو ينطبق على الخمر و الميسر. و ذلك لأنّ سبب حرمتهما هو أنّ ٳثمهما أكبر من نفعهما٠ لا يمكن أن نقبل بأن يقوم القرآن و الٳسلام و الشرع بتحريم "الٳثم أكبر من النفع" و في مكان آخر ثمّ يقوم في مكان آخر و الذي هو أيضاً مصداق "الٳثم أكبر من النفع" بتجويزه٠ من الناحية العقلية و العقلائية فٳنّ ضرر الأسلحة الذرية أكبر من نفعها٠
والظاهر هو أنّ الفساد الكامن في السلاح الذري هو فساد ذاتي و في أعلى حدوده٠ فكلما تمّ ٳنتاج سلاح ذري آخر (وهو ما تقوم به الدول الكبرى و للأسف) فٳنّ العالم سيتقدّم خطوة أخرى نحو الخطر الجدّي المحدق بالأرض٠ و ذلك لأنّ السلاح الذري يتبع قوانين خاصة و تحكمه حالة تصاعدية و لذلك فٳنّ ٳضافة سلاح ذري آخر يزيد من خطورة الحالة٠ ٳنّ احتمالات استخدام الأسلحة الذرية المنتجة كبيرة جداً و ذلك لأنّهم ٳذا أرادوا استخدام الأسلحة الذرية فٳنّهم سيبيدون الكرة الأرضية عشرات بل مئات المرات٠
علاوة على ذلك فٳنّ الاتجاه صوب الأسلحة الذرية معناه الدخول في سباق تسلحي، فالمسابقة الخطرة هي المسابقة التي تكون فيها القاعدة التصاعدية هي أكبر قاعدة تحكمها، و هي تتزايد باضطراد، و بالتالي هناك احتمال خطر الازدياد و التصاعد فيها٠ من هذا الباب يجب ترسيخ ثقافة الأسلحة الذرية حتى لو كانت هذه الثقافة تشمل عدد من الدول و ليس جميعها، ٳذن، "ٳثمها أكبر من نفعها"، و هذه القاعدة يمكن استخدامها في كل مكان، و لكن بالنسبة للخمر و الميسر فٳنّ الشارع المقدّس هو الذي شخّص أنّ ٳثمهما أكبر من نفعهما، و لم يكن الناس يشخّصون ذلك، هنا لم يقل الشارع شيئاً، بل أنّ جميع عقلاء العالم و جميع الخبراء و المتخصّصين و جميع التجارب تقول بأنّ ٳثم الأسلحة الذرية أكبر من نفعها٠

ه- قاعدة العدالة:
لا يمكن استخدام قاعدة العدالة في كل مكان. تقول هذه القاعدة بأنّه يجب علينا أن نسوق العالم نحو الاعتدال و التعقل٠ و أنّ السلاح الذري يخرج كل شيء من موضعه العقلاني الصحيح٠ و هي على عكس قاعدة العدالة تماماً٠ و طبعاَ أنا أرجّح أن أسمّي هذه نظرية و ليس قاعدة.
هنا يطرح مذيع البرنامج سٶالاً: لو فرضنا أنّ الأعداء في زمن الفتنة أقدموا على استخدام الأسلحة الذرية ألن يكون هذا سبباً كافياً لنا أن نسعى لامتلاك هذه الأسلحة و ذلك من أجل الدفاع عن أنفسنا؟

حجة الاسلام و المسلمين مبلغي:
ثمّة قواعد يمكن من خلال التمسّك بها أن نستنبط جواز – على الأقل- ٳنتاج و خزن هذه الأسلحة، و ٳن كنت لا أعتقد بهذا و لكن يجب أن نبحث جميع الأدلة في أجواء هادئة و ذلك لأنّ هذه البحوث هي بحوث تخصّصية، فٳبداء الآراء في هذا المجال ليس قطعياً و نهائياً٠
قاعدة نفي السبيل: ٳنكم ٳذا امتلكتم هذه الأسلحة فستقطعون السبيل و ٳلى الأبد على الأعداء٠
قاعدة الاعتداء: فاعتدوا عليهم كما تقول الآية القرآنية الشريفة، و طبقاً لها يجب أن نفعل ما يفعله الأعداء، يجب أن نقوم بأيّ عمل يقوم به الأعداء بالضبط، ففي حال اعتدوا على المجتمع الٳسلامي أو الٳنسانية يجب علينا أن نقابلهم بنفس السلاح.
و- قاعدة الٳعداد: و هي قاعدة و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوة٠ يمكن تطبيق هذه القاعدة و أنّ كلمة القوة هي كلمة فضفاضة، و عندما يقال القوة العظمى فٳنّما يقال ذلك بسبب امتلاكها للأسلحة النووية، و هي القوة التي تردعهم، و ما من شك أنّنا في حال امتلكنا هذه الأسلحة، فٳنّنا سنرعبهم و نردعهم، و سيكون لدينا عنصر الردّ و الردع٠
ذكرنا حتى الآن ثلاث قواعد، و سأبدأ مع القاعدة الثالثة٠
قاعدة و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ليس مكانها هنا أبداً، صحيح أنّها تنطبق على جميع المفاهيم، و ليس المقصود منها سلاح السيف فقط، بل تشمل أيضاً الدبابة و كافة الأسلحة الأخرى و ذلك لأنّ الدبابة فيها قوة ردع أيضاً٠
السٶال هنا هو: هل أنّها تشمل الأسلحة الذرية أيضاً؟ باعتقادي أنّها لا تشملها، و ذلك لأنّنا نريد أن نرهب عدوّ الله و عدوّكم، في حين أنّ السلاح الذري يرهب البشرية بأجمعها، و ذلك كما قلت بأنّ السلاح الذري ينطوي على معادلة حساسة، ٳنّه سلاح ضدّ الٳنسانية، أولئك الذين يرفعون شعارات ضدّ السلاح الذري ٳنّما يرفعونه من أجل أن يبقى في أيديهم هم وحدهم، لذا فٳنّ الموضوع ليس موضوع عدوّنا، بل عدو الطبيعة جمعاء٠ ٳذا كان عدوّا لله فٳنّ الله تعالى قد قال في هذا المجال: (لا يحبّ المحسنين)، و لا شكّ أنّ استخدام الأسلحة الذرية في الأرض هو أسوأ أنواع الفساد التي يمكن تصوّرها، و في الحقيقة لقد تمّ اليوم خلق هذا التوازن، و ذلك لأنّ بعض الدول أصبحت تمتلك هذا السلاح في مقابل الدول الأخرى التي كانت تمتلكه و بالتالي برز نوع من التوازن.
ٳنّنا ٳذا دخلنا في سباق تسليحي فٳنّ ذلك سيعني أنّنا قمنا بدفع ثقافة استخدام القنبلة الذرية و أسلحة الدمار الشامل خطوة ٳلى الأمام، و هذه الخطوة ٳلى الٳمام تعني أنّنا ساهمنا في تفعيل هذه المسألة٠ ٳنّ السباق التسليحي في مجال استخدام الأسلحة هو من صنع القوى الكبرى، لم نكن نحن من أوجده، ،(لا تتبع سبيل المفسدين)، فهذا السباق هم من أوجدوه، هذا السباق أمر شيطاني خبيث، فالقرآن الكريم يقول: (لا تتبع سبيل المفسدين)، فنحن لن نتّبع سبيل المفسدين، و لن ندخل هذه الأجواء المصطنعة و الخطرة للغاية بل الأخطر على الٳنسانية و لن ندخل هذا السباق في المستقبل أيضاً٠ٳنّه فساد و أيّ فساد أكبر من السلاح الذري، من هذا المنطلق فٳنّ هذه الآية لا تنطبق على موضوعنا الذي نناقشه أبداً، و ذلك لأنّ الٳرفاق يخصّ الحالات التي تخصّ عدو الله وحده و لكن عندما يشتدّ هذا السباق، فٳنّ ضرره سيشملنا نحن أيضاً٠
كلنا في بٶرة خطر السباق التسليحي، قال البعض بأنّه طبقاً للآية (واعدّوا لهم ما استطعتم من قوة) فٳنّ امتلاك الأسلحة الذرية أمر جائز، في حين أنّ قاعدة الاعتداء لا تعطي أيّ مسوّغ أو مجوّز و ذلك لأنّها تشير ٳلى موضوع يتضمّن ٳبادة الجنس البشري و البيئة و الٳنسان٠ و ٳذا كان الأمر كذلك يجب القول بأنّه نظراً ٳلى أنّ الطرف المقابل قد ارتكب اعتداءً فٳنّنا ينبغي أن نقابله بالمثل، في حين أنّ المفروض علينا أن نسلك طريق العدالة٠
ٳنّ العدالة هي أن نتجنّب الأسلحة المدمرة التي لا تبقي و لا تذر شيئاً على الأرض و هي بخلاف نظرية (خلافة الٳنسان) على الأرض و هي أيضاً تعمل على ٳزالة أيّ أثر للأمن و الاستقرار٠ و ذلك لأنّه لن تكون هناك أرض ليخلف الٳنسان الله فيها، من خلال هذه القواعد و الروايات التي تخصّ مسائل أخرى لا يمكننا أن نصدر أحكاماً بالحليّة لمثل هذه المسألة الحسّاسة و الخطيرة. بطبيعة الحال ٳنّ مسألة الأسلحة النووية تختلف عن مسألة الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية.

ٳنّ الذين يعترضون علينا يعتقدون بأنّنا سنقلّدهم في مسألة السباق التسليحي و ٳن هذا ٳلا وهم و سراب لا أكثر و ذلك لأنّهم لا يرغبون في أن نمتلك القوة.
[Part_Lang]
[Control]
تعداد بازديد اين صفحه: 2453
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)


Powered By : Sigma ITID